الاثنين، 1 يونيو 2015

نداء الى شباب الاخوان

الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده

لم أستطع النوم اليوم بعد سماعي ان قيادات من الاخوان المسلمين ممن كانوا يحاولون جهدهم فرملة شباب

الاخوان عن حمل السلاح قد تم اعتقالهم اليوم أياما معدودات بعد الاستقطاب الحاد بين شيوخ الجماعة و شبابها

حول طريقة قيادة المرحلة المقبلة بين الجماعة و الثورة..أحساسي بأن هذه اللحظة هي لحظة فارقة يسابق فيها

حكام مصر الزمن للضغط بكل ما أوتوا من قوة لدفع البلاد الى شفا حرب تعيد سيناريو الجزائر حيث القتل و القتل

المضاد أرسى دولة الخوف و أدب الشعب ان يتلفظوا مرة أخرى بكلمة الحرية..أو ما  هو أبعد من تفتيت الكيانات

الكبرى المكونة لبيضة المجتمع من جيش و جماعات مدنية و مؤساساتية و اغراق الجميع في دوامة سورية -

عراقية تفضي الى الاستبداد نفسه لكن من جهة الفوضى لا من جهة النظام..

فيا معشر شباب الاخوان..فقد بلغنا جميعا وجدة وجدتموها في أنفسكم على هذه القيادات .....أما و الله لو شئتم

لقلتم و لصدقتم و صدقتم..أن هذه القيادات بتحجرها على قراراتها وعدم ضخها دماءا جديدة فيها و ضعف

تطبيقها للشورى الجماعية أدت بجسم الجماعة الى الترهل و فقدان المرونة و التغيير اللازمين لمواكبة سرعة

الأحداث...

و لو شئتم لقلتم و صدقتم في أن هذه القيادات بانغلاقها و استعلائها و اعتقادها الطهرية  على بقية فئات المجتمع

جعلت الجماعة تتصرف أمام الناس كجماعة المسلمين بدل ان تكون جماعة من المسلمين ...و عزلتها عن

الشارع و نبضه و عن التواءم و التعاون مع بقية التيارات الفاعلة فيه باستكبار و استعلاء زاعمة بلسان الحال

انها مالكة الحقيقة و الاستاذية في تأويل خاتم الأديان مكررة بطريقة اخف تجارب الجماعات الشيوعية الطوباوية

و قبلها الكنسية المسيحية و البوذية..

و لو شئتم لقلتم و صدقتم في أن هذه القيادات الواقفة على حافة القبر دمرت أحلام خيرة شبابها ودفعت بكثير

منهم للانشقاق بل الارتماء في حضن الاستبداد و ضيعت بوصايتها الوقحة و غباءها و استبدادها فرصة ذهبية

في كسب الشارع الثوري من يناير فمحمد محمود الى 30 يونيو و ترسيخ مبادئ حكم الشعب لنفسه لأول مرة في

القطر المصري و ارساء تداول سلمي حقيقي واقعي للسلطة فيه..و ان سياستهم لا اريكم الا ما أرى أعمتهم عن

رؤية أسبقية هذا المقصد على كل ما عداه من المقاصد و انه في اللب هو أصل الخلافة على  منهاج النبوة

فاضعف قوتهم في احتواء المخالفين لهم و استصلاحهم كما وفق النبي لاستصلاح   الوثنيين و اليهود و نصارى

المدينة و حتى منافقيها حتى تراضى الجميع على دستور واحد يتحاكم اليه الجميع..

لو شئتم لقلتم كل هذا و لصدقتم في أكثر منه...لكن ليس بمانع أن شيوخكم قد صدقوكم في قولة واحدة...أن الحل

ليس في حمل السلاح..و أن حمل السلاح اللذي نادى به مرشدكم الأول البنا و قبله كافة أئمة الدين من الصديق

الى بن عبد العزيز الى صلاح الدين فابن عبد السلام فابن تيمية  ممن زاوجوا بين الكتاب و السيف..أنهم كانوا لا

يرون السيف الا حين تكون وراءه شوكة ..و ان الشوكة تكون من حاضنة منسجمة تتوافق عليها فئام الناس

على اختلافهم و تباعدهم -كاختلاف اهواء و اديان اهل يثرب - ذات أغلبية في دولتها او قطرها او قبيلتها او

جماعتها المؤطرة لها...مؤسسة على ميثاق وعقد اجتماعي توافقي مبني على التراضي واضح - كأشد الوضوح

الذي كان النبي صلى الله عليه و سلم اخذ عليه ميثاق اهل العقبة - يؤسس لقانونية هذا السيف و شرعيته...و لن

تجدوا سيفا أشرع في تاريخ أمة محمد و نجح في اهدافه الحضارية و ليس فقط الغلبة الا وكان وراءه جهد جهيد

من البحث المضني عن التوافقات و محاولة جمع اكبر عدد من الناس على كلمة واحدة...و اسألوا الناصر صلاح

الدين و توسموا صبره و عمله سنوات و سنوات و عمل زنكي من قبله  لخلق هذه التوافقات ....و تأملوا معشر

شباب الاخوان  اضطهاد قريش للمستضعفين من المسلمين لعشر سنوات بالقتل و التشريد و الاغتصاب و

التهجير و التضييق في الارزاق و الحصار في شعاب الجبال و السجن و النكال و العذاب الشديد و الاهانة و

التشهير و الاخراج من الدور و الاوطان..و تأملوا بعدها غضب النبي صلى الله عليه و سلم وسط كل هذا من

شباب مثلكم كانوا يريدون حمل السلاح للدفاع عن انفسهم  و قوله لهم : انكم قوم تستعجلون...و تأملوا بعد هذا

وصيته بنفس الصرامة و شدة اللهجة على من رفع السيف في أمة محمد للتغيير دون ان يكون معه جمهور

الناس و سوادهم و تركيزه صلى الله عليه و سلم على التحذير من أسبابه الاساسية من الفرقة و التفرق و

الاستقطابات و الشقاق و الأحقاد  حتى اشتهر بين سلفكم ذم من يرى السيف للتغيير و الاصلاح...و تأملوا كيف

يستشهد الحسن البصري زاهد العراق بقول النبي صلى الله عليه و سلم :سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أمراء تَعْرِفُونَ مِنْهُمْ

وَتُنْكِرُونَ ، فَمَنْ أَنْكَر فَقَدْ بَرِئَ ، وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ ، لَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ...(أي من أنكر جرائمهم بلسانه فقد

برئت عهدته..و من كره فعلهم بقلبه فقط فقد سلم من تهمة الرضى بظلمهم و الحشر معهم..و لكن الشقي من

رضي بجرائمهم و برر لهم و تابعهم..و لم يجعل النبي صلى الله عليه و سلم غير هذين مسلكا للتغيير ضد جرائم

حكام الجور و الظلم )وكيف ان الحسن و هشام و قتادة و خيرة السلف ممن واجهوا مبير العراق الحجاج بن

يوسف ..الطاغية الذي أقام المشانق تلو المشانق لمعارضيه بلا رحمة ..كيف رأوا و أصابوا  ان الانكار عليه

باللسان و القلب و ان كان ابطأ تأثيرا في الزمن   لكنه أقوى للحمة و أكثر رسوخا في الآرض..

فالله الله يا شباب الاخوان لا تستعجلوا كما استعجل اللذين من قبلكم في العراق و سوريا و الجزائر و ليبيا ...و

ليس هذا ذما للجهاد و لا تعطيلا له...فنحن أمة محاربة نبيها محارب..لكن بأسها على من قاتلها لا يكون الا بهدي

الكتاب..اي بالعلم و العقل و الفطرة و ما تراه كل الجماعة/المجتمع او سوادها حسنا...و لهذا ما كان جهاد على

وصية النبي صلى الله عليه و سلم من التزام جماعة المسلمين كل المسلمين...اي مجتمعهم المدني كله باختلافاته

و توافقاته...الا كان جهادا ذا ثمرة يؤتي أكله كل حين.. من حروب الردة الى حطين الى حروب الاستقلال...و

ثمرته التي تنبئك عن مخالفة جهاد المتطرفين اليوم الخوارج عن جماعة المسلمين انه كان جهادا بأقل الخسائر

البشرية الممكنة بين العسكريين دع عنك المدنيين...باعتراف ائمة المؤرخين وعلماء الاجتماع من الغرب قبل

الشرق..و من ثمارهم تعرفهم

و اعلموا انكم ان لزمتم غرز الجماعة/المجتمع و صبرتم على الانكار باللسان و التعاون مع اخوانكم  من كافة

الديانات و الطوائف على كلمة سواء بينكم و قويتم اللحمة في مجتمعاتكم و نشرتم فيها أولى اولويات تعاليم

معاني التوحيد من نبذ العبودية و الاستبداد و حب التحرر من طواغيت النفس و طواغيت الغير و التوافق و

التعاون و ثقافة السلم و السلام  و التزام الجماعة /المجتمع  و نبذ الفرقة و الاختلاف الا و كنتم اقرب لقطف هذه

الثمرة و كنتم احق الناس بوصف الطائفة المنصورة المقاتلة على أمر الله حين استعجلها غيركم فعوقب بحرمانها

و ستهدون الى ما ضل فيه غيركم... و اعلموا ان شيوخكم ما ضيعوا الفرصة التاريخية لاخراج مصر من حكم

الفرعون لأول مرة الا بنفس ما بكم اليوم...الاستعجال و قلة الصبر على ثقافة السلام و قلة اليقين بجدواها و

نفعها و كونها الأعلى و التحرك خارج اطار الجماعة/المجتمع...فان نفعكم و ثباتكم على هذه المبادئ الأولية في

الأديان اليوم  - و هي المبادئ فوق الدستورية فطرة بين الناس - ليس فقط سيسري في أمتكم ..أمة

الاستجابة..بل أيضا في أمة الدعوة في الغرب و الشرق ممن يخالفونكم في دينكم بالمقال و قد يدخلون فيه بالحال

من الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين ..من آمن بالله فوق كل سلطات و حكومات البشر و ظلمهم و

جبروتهم  و آمن ان هناك حقا فوق دهاليز السياسة و شرورها و خطط القوى الكبرى العالمية و شركاتها لتقسيم

المقسم و تجزيء المجزء و خياناتها الوقحة الفاجرة لمبادئها لحساب مصالحها في المنطقة   ..فالكثيرون اليوم

في الضفة المقابلة هم معكم يعملون صالحا  كل على شاكلته   و ينافحون و يتقون و يمنعون ظلم الناس ما

استطاعوا ..  و يعملون على ان تعم مصلحة اغلب الناس و جمهورهم و ان خالفت ما يرون او ما

يعتقدون...فلعل أولئك لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون  ...فالثبات على هذه الطريق حري

بأن يقسم لكم به المرء انه في غضون سنوات معدودات سترجع الكرة لكم و سيجعلكم خلائف في الارض من بعد

فراعنة اليوم لننظر كيف تعملون...

فاللهم ارحم الاخوان..و أبناء الاخوان ..و أبناء أبناء الاخوان..